مقالات أدب وثقافة /نبيهة محضور
شمس الظهيرة تلفح الوجوه،الشارع كعادته يئن تحت وطأة أقدام المارة ،على الرصيف أجسادُ مثقلة بالهموم ،وجوه يلبسها البؤس ،عيون زائغة ترسل نظراتها نحو المجهول ، على الرصيف أصوات مخنوقة ،وايدي مشققة وأقدام عارية، عند إشارة المرور أطفال
تلاشت إبتسامتهم ، شابت قلوبهم ، يتسابقون من اجل بضع قروش قد تشبع بطونهم الخاوية،
فتيات في ربيع العمر بات الشارع ملاذهن يتسولن احسان المارة وسائقي السيارات،
،عدسة عينيه ترصدان كل تلك المأساة ،هو الأخر اختار له زاوية في ذلك الشارع يتقاسم مع الأخرين هموماً باتت تسكن ارواحهم ، وقف شارد الذهن امام عربته وحده دخان البطاطا الساخنة يشعره بوجوده ،يتراءى امام عينيه منزله الذي بات خاويا من مقومات الحياة ،صوت زوجته يتردد في اذنيه " لم يعد هناك قمح ولا ارز ولا ...
... ولا...
أطلق تنهيدة تكاد تشق صدره وغصة في حلقه يكابدها! يحدث نفسه بمرارة "اي حال وصلنا اليه ؟ عشرة أشهر بلاراتب ...عشرة أشهر لم ادفع ايجار المنزل ...
هاتفه الخليوي يرسل اشارته
- السلام عليكم
- وعليكم السلام
- عليكم بالعودة الى المدرسة للتدريس ، هذا آمر يجب تنفيذه ومن سيتخلف ...
لم يستمع الى باقي كلمات الوعيد فصوت صغيره الذي عجز عن شراء علبة حليب له يسافر في اذنيه لقد التصق جلده بعضامه وعلاه الشحوب .
ثلاثون عاما من العمل في التربية والتعليم وهاهو اليوم على الرصيف يحاصره الجوع ويغتاله الفقر !
ثلاثون عاما من العمل في التربية والتعليم وهاهو اليوم على الرصيف يحاصره الجوع ويغتاله الفقر !
تذكر أن ابناءه بلا غذاء فعاد يجر اذيال الخيبة ،يدفع عربته آمامه ليقدم ما تبقى من بطاطا ساخنة غذاء لهم .