النقاط الإستراتيجية بين أفغانستانوسوريا وكوريا الشمالية أصبح مهمة لا فِكاك منها. فلن يتسنى للعالَم -ما لم يضطلع بهذه المهمة- أن يبدأ في تمييز شيء أشبه بنهج متماسك متسق -وإن كان مضللا- في التعامل مع السياسة الخارجية من قِبَل إدارة الرئيسدونالد ترمب.ولنبدأ هنا بالغارة العسكرية على المطار السوري الذي أطلق منه نظام بشار الأسد هجوما كيميائيا. تُرى هل كان المقصود من ذلك الوابل من صواريخ توماهوكببساطة توجيه رسالة، كما ادعت إدارة ترامب؟وهل يشير ذلك إلى نهج أكثر تدخلا في الحرب الأهلية التي تبدو مستعصية على الحل والتي تدور رحاها في سوريا؟ ربما يتساءل المرء عما إن كانت تلك الضربة تشير إلى سياسة خارجية أكثر قوة وحزما في عموم الأمر. بعد فترة وجيزة، أسقط الجيش الأميركي -بعد حصوله على "تفويض تام" بالتحرك من قائده الأعلى- قنبلة هائلة الحجم محمولة جوا (وهي القنبلة غير النووية الأكبر حجما في الترسانة الأميركية) على أفغانستان. كان الهدف المباشر تدمير شبكة أنفاق يستخدمها تنظيم الدولة الإسلامية. "سارَع ترامب يوم تنصيبه إلى إقالة الدبلوماسيين الذين عينهم أوباما بكل فظاظة، ولم يعين أي بديل في مناصب رئيسية، بما في ذلك السفراء إلى كوريا الجنوبية واليابان والصين. ويبدو أن أي قدر من الدبلوماسية -وإن كان نزرا يسيرا- لا يوظف إلا في دعم حلول عسكرية" والسؤال هو: هل كان ذلك هو كل المقصود من إسقاط هذه القنبلة؟ من المعروف عن كوريا الشمالية ميلها إلى دفن منشآتها العسكرية عميقا تحت الأرض. وقد أصدر ترامب فعلا أوامره لمجموعة من حاملات الطائرات التابعة للبحرية الأميركية بالإبحار إلى المياه قبالة شبه الجزيرة الكورية، وسط التوترات المتصاعدة بشأن التجارب النووية والصاروخية التي تجريها كوريا الشمالية. وفي هذا السياق، يبدو أن سياسة "الصبر الإستراتيجي" -التي انتهجها الرئيس السابق باراك أوباما- في التعامل مع كوريا الشمالية على وشك أن تتبدل. ولكن في حين يعتمد ترامب على الاستعراض الباهر للقوة الصارمة أكثر مما فعل أوباما؛ يبدو أنه لم يستقر على أي نهج دبلوماسي شامل. فمنذ أن سارَع يوم تنصيبه إلى إقالة الدبلوماسيين الذين عينهم أوباما بكل فظاظة؛ لم يعين ترامب أي بديل في مناصب رئيسية، بما في ذلك السفراء إلىكوريا الجنوبية واليابان والصين. ويبدو أن أي قدر من الدبلوماسية -وإن كان نزرا يسيرا مثل قمة ترامب الأخيرة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ- لا يوظف إلا في دعم حلول عسكرية. وينبغي لهذه الحال أن تتبدل؛ فالقوة العسكرية لا بد من أن تُستخدم لدعم الدبلوماسية. وكما قال الجنرال البروسي كارل فون كلاوزفيتز في مناسبة شهيرة، فإن الحرب وسيلة جدية لتحقيق غاية جدية. ولنتأمل هنا الحال في أفغانستان؛ فقد كان الراحل ريتشارد هولبروك -الذي ربما كان الدبلوماسي الأميركي الأعظم في مطلع هذا القرن- يسعى إلى التفاوض مع المتمردين من حركة طالبان.